النازحون السوريون بين الرعاية والإستغلال.
د.نسيب حطيط
يشكل النازحون السوريون أحد مآسي الأحداث السورية وبعد الفرار القسري طلبا للأمن تعرضوا للإبتزاز والتجارة والإستغلال الأمني لأماكن تواجدهم فأصبحوا الضحية المطعونة من قبل الرعاة-التجار.
إن واجبنا الإنساني يوجب التعاطي مع الأخوة النازحين من منطلقات إنسانية ودينية وأواصر الأخوة والجيرة بعيدا عن الخلفيات السياسية أو المذهبية ،ولكي تصل المساعدات والحقوق إلى أصحابها من النازحين وحتى لا يتم إستغلال وجودهم على المستويين المالي والأمني خاصة إذا تفاقمت الأزمة السورية ،ويمكن أن تتزايد أعداد النازحين بشكل أكثر وكثيف فإننا نوضح ضرورة العمل على توضيح الأمور التالية:
- وجوب التفريق بين العمال والمقيمين السوريين وبين النازحين ،خاصة وأن عدد العمال السوريين طوال السنين الماضية لم يقل عن الثلاثمائة ألف عامل ولذا فإن الخلط بين العامل والنازح سيؤدي إلى حرمان النازحين من المساعدات والرعاية وتقاسمها مع العمال المدعين التهجير والنزوح.
- وجوب التفريق بين النازحين المدنيين والمسلحين،حيث يستغل المسلحون من الجماعات المسلحة قوافل النازحين وأماكن إقامتهم للإختباء،ومن ثم الإنطلاق بأعمال أمنية وعسكرية،ضد الجيش السوري أو حلفاء سوريا في لبنان وقد هدد بعض مسؤولي ما يسمى الجيش السوري الحر بالإعتداء على قواعد المقاومة في لبنان بواسطة السوريين وكذلك خطف الزوار اللبنانيين لمبادلتهم بمقاتلين سوريين في لبنان وسوريا .
- إن تدفق النازحين الذين تجاوز عددهم الـ 150 ألفا حتى الآن بالإضافة إلى 300 ألف عامل سوري أي ما يقارب النصف مليون سوري وحوالي النصف مليون فلسطيني بحيث بات يشكل الوجود الفلسطيني ( المخيمات)والسوريين(لمحاور النازحين)25%من مكان لبنان والذي يرزخ تحت عبء إقتصادي وسياسي وأمني حساس وخطر.
- إن التدخل الفلسطيني العسكري عبر حركة حماس خصوصا، أدخل المخيمات بالصراع السوري سيزيد من فرص إقحام المخيمات الفلسطينية في لبنان ضد حلفاء سوريا على اساس مذهبي وسياسي خاصة بعد تقديم درع الإنتصار من حماس لتيار المستقبل.
ماذا لو رفع البعض شعار(الإنتقام)أو الثأر من حلفاء سوريا في لبنان،مذاهب وأحزاب وشخصيات لرفع الضيم عن طائفته أو لنصرة مذهبه أو لتحقيق مشاريع إسرائيلية لنزع سلاح المقاومة أو إعلان الجهاد للقضاء على الفئات الكافرة أو الضالة من المذاهب وفق توصيف الجماعة التكفيرية والسلفية الشاردة في العالم العربي برعاية أميركية وعربية... فما هو موقف هؤلاء النازحين وكذلك المخيمات خاصة بعد ما رفعت حماس علم المعارضة السورية وإستقبلت قوى 14 أذار في غزة وشكرت حلفاء إسرائيل على دعمهم لها.
مشكلة النازحين السوريين والفلسطينيين هي كالجمر تحت الرماد،ولا بد من مناقشتها بشكل هادئ وعقلاني وواضح دون مخادعة،قبل أن تهب رياح الفتنة وتشعل هذا الجمر في حريق لا يستطيع أحد إخماده وسط منطقة مشتعلة في كل ساحاتها وفق إستراتيجية(الفوضى الهدامة)التي أطلقتها أميركا بعد غزو العراق.
للنازحين حق الرعاية والمساعدة وللمضيفين من اللبنانيين حق الشعور بالأمن وعدم التعرض للطعن والفتنة فيما بعد،وعلى الدولة معالجة هذا الموضوع بعناية وسرعة وفق التالي:
- تشكيل لجنة خاصة بالنازحين السوريين ممثلين عن الحكومة والهيئات الإنسانية والحزبية والروحية.
- تحديد صفات النازحين وللتفريق بينهم وبين المقيمين والإنتهازيين لضمان حفظ حقوقهم وإمكانية تلبية حاجاتهم.
- عدم إقامة مخيمات خاصة لعدم تحويلها إلى معسكرات لمسلحي المعارضة السورية من التكفيريين والقاعدة وحلفاؤهم في لبنان.
- الطلب من جامعة الدول العربية والمنظمات الدولية تأمين إحتياجاتهم كافة خاصة وأن أعدادهم إلى ازدياد ولا يستطيع لبنان تحمل هذه النفقات في ظل الأزمات التي يعيشها.
-
مع دعائنا أن تستقر الأوضاع في سوريا ويعود النازحون إلى ديارهم وأن نكمل معا مواجهة المؤامرات والضلال وإعادة تصويب البوصلة نحو القضية الكبرى والأساس لتحرير فلسطين والمقدسات الإسلامية والمسيحية.